قمة لا تستحق حتى الرثاء

قمة لا تستحق حتى الرثاء..

المغرب الرياضي  -

قمة لا تستحق حتى الرثاء

بقلم : طلال سلمان

وأخيراً، تم الإعلان رسمياً عن سقوط «القمة العربية» كمؤسسة جامعة للقادة المختلفين في سياساتهم على الحد الأدنى، في مواجهة المخاطر التي تتهدد الامة العربية جميعاً في وجودها..

ولقد تأخر اعلان الوفاة حتى وجد القادة العظام المدفن اللائق بقمتهم ـ بتاريخها الحافل ـ: على الحد الفاصل بين الصحراء الافريقية البلا حدود، والمحيط الأطلسي الذي ينتهي عنده العالم القديم ليبدأ، من تلك النقطة بالذات، العالم الجديد الذي لا يجد فيه «العرب» مكاناً يتسع لمستقبلهم بعدما عجزوا عن حماية حاضرهم كأمة تستحق أن تكون على خريطة الغد.

غاب الملوك والرؤساء عن قمة نواكشوط في موريتانيا، وسط حملة تحقير لهذه الدولة وشعبها ذي التاريخ المحفور في صفحات المجد الذي كان.. فلم يحضرها إلا قلة من رؤساء الحكومات العربية التي ترزح تحت أثقال واقع الفرقة إلى حد التصادم والاقتتال، عربياً، وبعض الوزراء الذين لا يملكون حق القرار في أي شأن.. وهكذا انهوا «واجبهم» المدرسي خلال ساعات وانصرفوا متعجلين لكي يطمئنوا الملوك في مصايفهم إلى ان لا جديد تحت الشمس.. فليكملوا اجازاتهم، بمراسم الترفيه المعروفة، وكفى الله القادة المؤمنين شر القتال.

كان مجرد انعقاد القمة، وبمن حضر، هو الخبر الوحيد عنها.. اما اختتامها ومعه البيان المكرر والمعاد فلم يجد له مكاناً في وسائل الإعلام، على اختلافها، وتعددها.

غاب أصحاب القرار جميعاً... وحده أمير الكويت حافظ على الانضباط الذي اشتهر به، وقد التحق به أمير قطر الباحث عن استثمار فائض أمواله في أي مكان.

وبطبيعة الحال، فليس من حق احد مساءلة الملوك، بدءاً بالجار المغربي الذي تهرب من أعباء القمة فأرسلها إلى جاره الفقير في موريتانيا، مروراً بقائد مرحلة «التغيير الثوري» بعوائد النفط في المملكة المذهبة، وصولاً إلى «جوكر» الاتصالات السرية، الملك الأردني، حول أسباب غيابهم والتسبب في إفراغ القمة من مضمونها... بحيث ان «أخبارها» قد اختفت بمجرد بث الصور عن انعقادها!
..وان ظل قرارهم، في غيابهم، شطب سوريا، وترك مقعدها فارغاً، اما العراق فلا يستطيعون شطبه معتمدين على ان الخلافات فيه تلغي تأثيره.

وحده لبنان، البلا رئيس للدولة، تجاوز عذره الشرعي، وادى رئيس الحكومة «واجبه القومي» محاطاً بوزير الشؤون الاجتماعية (والنازحين السوريين) والذي قد تكون جذور «القوميين العرب» فيه قد حفزته، وان ظل ولعه بالشعر، قراءة ونظماً، جادا وساخرا قد طار به إلى «بلد المليون شاعر»..

لا ضرورة للاستماع إلى البيان الختامي: انه تكرار لنص مبتسر سبق ان أصدرته القمم السابقة أكثر من مرة... وليس في الإعادة إفادة!

لقد سقطت القمة العربية في قاع الهزيمة، وانتفى الغرض منها كما بلورته القمة الأولى ثم الثانية، وقد كان موضوعهما فلسطين (انشاء منظمة التحرير، بمؤسساتها جميعا، المجلس الوطني، والهيئة التنفيذية ـ الحكومة ـ وإقامة جيش التحرير الخ..). وأبرز دليل على السقوط غياب «الرئيس الفلسطيني» عنها. اما الدليل الثاني فهو ان احد المروجين للصلح مع العدو، هو الآن الأمين العام لجامعة الدول العربية.

«الخيمة» هي الرمز الجديد للأمة في هذه اللحظة!

لقد كانت «الخيمة» رمزاً للجوء الفلسطينيين إلى الأقطار المجاورة لبلادهم بعد الاحتلال الإسرائيلي..

اما اليوم فإن نصف عديد الامة العربية، أو اكثر، يقيمون في خيام اللجوء او النزوح او التشرد أو المهانة، او كل ذلك معاً: في اليمن، في العراق، في سوريا، في ليبيا، هذا فضلاً عمن شردهم الفقر والبطالة من بلادهم، لا سيما في شمالي افريقيا، ودفعهم إلى اربع جهات الدنيا (فضلاً عن منظمات الإرهاب المعروفة، «داعش» و «النصرة»..).

من دون ان ننسى الملايين ممن شردتهم الحروب الداخلية وركبوا البحر حتى الغرق انقاذاً لأطفالهم ومحاولة العثور على فرصة جديدة للحياة.. في أي مكان؟
وبالطبع فإن القمة لم تجد نفسها معنية بمثل هذه «المسائل التافهة»، والتي لا تستحق اهتمام الملوك والرؤساء وامراء النفط... وان كان الاستثمار في ارض موريتانيا البكر يمكن ان يكون قد مر في خاطر اهل النفط والغاز، وربما وجدوا في هذه البلاد الفقيرة حتى الاملاق، والتي قد تكون رمال صحرائها الشاسعة تنام على كنوز من مختلف أنواع الذهب، وليس الذهب الأسود فحسب... وهذه فرصة أغلى من القمم جميعاً.
لا تستحق القمة العربية حتى كلمة رثاء!

GMT 09:30 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

كيف الخلاص من .. الشيكل ؟

GMT 03:30 2017 الإثنين ,10 تموز / يوليو

عن العرب المحاصرين بحرب النفط والغاز

GMT 05:25 2017 الخميس ,08 حزيران / يونيو

هكذا ولدت

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة لا تستحق حتى الرثاء قمة لا تستحق حتى الرثاء



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 11:17 2012 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يؤكد عدم تخليه عن حمدي في محنته خلال حفل الرواد

GMT 22:56 2017 الإثنين ,28 آب / أغسطس

البزغودي لاعب الجيش يخضع لفحوصات طبية

GMT 15:33 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أولاس يشيد بفريقه قبل مواجهة شاختار دونيتسك الأوكراني

GMT 10:19 2022 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

وليد الركراكي يرُد على منتقديه بسبب عبد الرزاق حمدالله

GMT 05:44 2022 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد النني يُهدي الشيخ مشاري راشد العفاسي قميص أرسنال

GMT 22:45 2022 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبات غولف «أرامكو» في مواجهة الإعلام بجدة

GMT 08:27 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحدى مانشستر سيتي اليوم في الدوري الإنكليزي

GMT 21:10 2022 الأحد ,22 أيار / مايو

كريم بنزيمة يثير الجدل بعد قرار مبابي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib