توسيع الرباعية أم تشريع أبواب التطبيع

توسيع "الرباعية" أم تشريع أبواب "التطبيع"

المغرب الرياضي  -

توسيع الرباعية أم تشريع أبواب التطبيع

عريب الرنتاوي

تبدو الدعوة لتوسيع اللجنة الرباعية الخاصة بعملية السلام في الشرق الأوسط، محاولة للعب في الوقت الضائع، لا أكثر ولا أقل، على أنها محاولة محفوفة بمخاطر توسيع دائرة "التطبيع" بين العرب وإسرائيل، في الوقت الذي تتعاظم فيه مكانة "المقاطعة" في استراتيجية العمل الوطني الفلسطيني في المرحلة القادمة.

جوهر الفكرة كما جرى تداولها منذ اجتماع الرباعية في شباط/ فبراير الفائت، يتعلق بضخ جرعة جديدة في عروق اللجنة المتيبسة، التي ظل دورها شكلياً، بعد أن نجح أحد أطرافها (الولايات المتحدة) في اختطاف مظلتها، وتحويل بقية أعضائها إلى مجرد "شهود زور"... وقبلها كان طوني بلير، موفد الرباعية وممثلها المقيم، يعزف نغماً منفرداً يتجاوب بالأساس مع أعمق المصالح وأدق الحسابات الإسرائيلية، وتسبب ذلك في تأزيم علاقاته مع السلطة الفلسطينية، قبل أن يتحول إلى دور "الوسيط" بين إسرائيل وحماس، نيابة عن محور قطري – تركي، بعد أن استقال من دوره كمندوب للرباعية.

والفكرة كما يتضح من كثير من المصادر، تأتي لـ “ملء الفراغ" الناجم عن انشغال الإدارة الأمريكية بتسويق وتسويغ الاتفاق النووي مع إيران، وإذا كانت مشاعر الارتياح تجتاح البيت الأبيض بعد ضمان أغلبية كافية في الكونغرس لتأمين الصفقة، فإن دخول الولايات المتحدة عمّا قريب في عام الانتخابات الحاسم، يجعل عادة هذه الإدارة مشلولة، ويجعل من رئيسها "بطة عرجاء" في أحسن الأحوال.

وكما جرت العادة طوال سنيّ وعقود الصراع العربي – الإسرائيلي، فإن الفراغ الأمريكي المؤقت، تملأه عادة عواصم أوروبية بمبادرات وتحركات، لا وظيفة لها سوى كسب الوقت وتقطيعه وإشغال الفرقاء... وإذا كانت بريطانيا هي الأنشط عادة في القيام بهذا الدور، فإن فرنسا هي من "تبرع" للقيام به هذه المرة، تارة من خلال الدعوة لمؤتمر دولي تحتضنه باريس وطوراً من خلال مشروع القرار الذي عملت على إعداده لتقديمه إلى مجلس الأمن، وهو المشروع الذي تعرض للتعديل والتبديل، ليتواءم أكثر من مصالح تل أبيب ويتفادى خطوطها الحمراء، إلا أنه بدوره، تعرض للإجهاض من قبل واشنطن، التي أعطت الأولوية لإقناع إسرائيل بالتكيف مع "اتفاق فيينا" وليس لقبول "حل الدولتين".

إن توسيع الرباعية الدولية، بإضافة كل من مصر والأردن والسعودية إلى عضويتها، لن يغير ولن يبدل في تقرر وجهة الأحداث والتطورات على أرض الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فالأطراف الإقليمية الثلاثة، شأنها في ذلك شأن الأطراف الدولية الثلاثة الأخرى الأعضاء فيها (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي وروسيا)، لا تمتلك تأثيراً على إسرائيل، ولا هي قادرة على إحداث تغيير في نهج الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، المسؤول في المقام الأول والأخير، عن فشل عملية السلام وانهيار خيار التفاوض، وتأكل حل الدولتين، وتراجع فرص قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.

والمؤكد أنه في ظل الانزياحات والانجرافات المتتالية التي يشهدها المجتمع الإسرائيلي صوب أصولية دينية، تعمل على "تديين" الصهيونية و"تهويد" مشروعها في المنطقة، وصوب يمين قومي متطرف استئصالي، وفي ظل تعاظم دور لوبي الاستيطان في مؤسسات صنع السياسة والقرار في الدولة العبرية (29 مستوطن في الكنيست من أصل 120 عضواَ)، المؤكد أنه في ظل هذه التطورات، لن تنجح خطوة من هذا النوع، في إحداث تغيير جدي على مسار الأحداث والتطورات على هذا المسار.لكن الأمر لن ينتهي على قاعدة "إن لم نربح شيئاً فلن نخسر شيئاً" من مشروع توسعة الرباعية، فما سيحصل في واقع الحال، سيكون بمثابة اختراق لصالح إسرائيل على دروب "التطبيع" مع الدول العربية، وبدل أن تتجه الدول العربية إلى مواكبة استراتيجية المقاطعة لإسرائيل التي فعلت فعلها، وأظهرت أنها سلاح ناجع، يقلق إسرائيل ويقض مضاجع مراكز التفكير والقرار الاستراتيجيين فيها، سنرى انفتاحا عربياً غير مسبوق عليها، وسنرى اختراقاً نوعياً في طبيعة ومستوى الاتصالات بين السعودية ودولة الاحتلال والاستيطان، بحكم عضوية الأولى في "الرباعية الموسعة" على أقل تقدير.

صحيح أن علاقات الرياض بإسرائيل، شهدت خطوات غير مسبوقة في الآونة، بما فيها لقاءات علنية شبه رسمية، لكن الصحيح أن عضوية المملكة في إطار "4+3" سوف يكون مدخلاً واسعاً لنسج علاقات أوسع وأرفع مستوى مع إسرائيل، وسينهي وضعٌ كهذا، حالة التردد والاستنكاف التي تطبع علاقات دول عربية وإسلامية أخرى بالدولة العبرية، وستتحقق لنتنياهو "نبوءته" التي بشّر بها منذ حكومته الأولى، بضرورة تشكيل حلف إسرائيلي – عربي (معتدل) في مواجهة إيران والإرهاب، من دون التفات للصراع العربي (الفلسطيني أساساً) – الإسرائيلي، بوصفه مجرد نزاع من ضمن نزاعات أكثر أهمية واحتداماً، لا بوصفه قضية العرب المركزية الأولى، وأم الصراعات والنزاعات في المنطقة، كما اعتدنا القول.

والخلاصة التي تقلقنا من هذا التحرك، أنه لن يأتي للفلسطينيين بأي خير عميم، وسيوفر لإسرائيل البضاعة التي تحتاجها، وستنتهي هذه المبادرة، إلى كسر حواجز المقاطعة مع تل أبيب، من دون أن تقرب الفلسطينيين متراً واحداً من حقوقهم الوطنية الثابتة، ومن يعش ير.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توسيع الرباعية أم تشريع أبواب التطبيع توسيع الرباعية أم تشريع أبواب التطبيع



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 19:00 2017 الخميس ,18 أيار / مايو

الوداد يسثني أعراب في صورة لأبطال المغرب

GMT 23:05 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

لقجع يلمح إلى إهتمام المغرب بتنظيم "كان" 2019

GMT 03:03 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

"سارة الدوسري" تصيب برونزية بطولة أمير الكويت الدولية
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib