عن «تفاهمات كيري» ومـــا بعـــدهـــا

عن «تفاهمات كيري» ومـــا بعـــدهـــا

المغرب الرياضي  -

عن «تفاهمات كيري» ومـــا بعـــدهـــا

عريب الرنتاوي

مرة أخرى، وبوساطة جون كيري ذاته، يجري التوصل إلى “تفاهمات” أردنية – إسرائيلية حول المسجد الأقصى والرعاية الهاشمية للمقدسات ... على الطرف الآخر من معادلة الصراع، يقف بينيامين نتنياهو، السياسي المراوغ والكذاب، وفقاً لتقييمات الإسرائيليين أنفسهم، معظمهم على الأقل. هي ليست المرة كما هو واضح، التي يتوصل فيها الأردن إلى “تفاهمات” مماثلة مع نتنياهو وحكومته ... والمؤكد أنها لن تكون المرة، التي سيخرق فيها الرجل “التفاهمات” و”الاتفاقيات” و”المعاهدات” ... في حكومته الأولى منتصف التسعينات، أقدم على انتهاك أمن الأردن وسيادته بمحاولته اغتيال خالد مشعل في أحد شواع عمان ... وفي حكومتيه المتعاقبتين خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية، لم يترك وسيلة إلا ولجأ إليها، للبرهنة على استخفافه بالمعاهدة، وبالأخص في بند “الرعاية”، والرجل ضرب بالأمس ما كان تعهد من قبل أمام كيري، وليس مستبعداً، بل مرجحاً، أن يعاود في الغد، ما فعله مراراً وتكراراً.

“التفاهمات” الأردنية – الإسرائيلية بوساطة كيري، اقتصرت على مواضيع تخص المسجد الأقصى، وبعض التقنيات المتصلة بالتحقق من الانتهاكات وضمانة سلامة الوضع القائم حالياً، في المسجد وعدم تغييره من الجانب الإسرائيلي ... لكن هذه “التفاهمات” جاءت فضفاضة وعمومية، فما المقصود مثلاً بالحفاظ على الوضع القائم، وما المقصود بـ”الصلاة للمسلمين” و”الزيارات لليهود”، وما الفارق واقعياً، وليس لفظياً، بين زيارات واقتحامات، وكيف تكون الزيارة زيارة، إن كانت بقوة الأمر الواقع وتحت حراب الجيش والأمن الإسرائيليين ... كيف يمكن لـ”غرباء لا يشربون القهوة”، الذين يأتون إلى هذا المكان المحمّل بكل أحلامهم التوسعية السوداء، أن يكونوا مجرد زوار؟ ثم، ماذا عن الموقف الفلسطيني من هذه “التفاهمات”، وكيف تنظر إليها مختلف الأطراف الفلسطينية “الوازنة”؟ ... هل يرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنها كافية لتمكينه من مخاطبة شعبه، بالتزام الهدوء والعودة إلى المنازل؟ ... هل يكفي القول بالعودة إلى ما كان عليه الحال قبل اندلاع الهبّة الشعبية الفلسطينية الأخيرة؟ ... ألم يكن ذاك “الحال” هو السبب الذي أجج المشاعر وفجّر طاقات الغضب وأخرج الفلسطينيين عن طورهم وعن طوع السلطة والاحتلال على حد سواء؟ ... ما الذي سيعرضه الرئيس عباس على “جيل أوسلو”، الجيل الثلث للنكبة، لكي يلتزم الهدوء والسكينة، ويعود لمزاولة أعماله كالمعتاد؟. ستقول السلطة أن الأمر برمته “ثنائي” بين الأردن وإسرائيل ويخص أساساً وحصراً، بند “الرعاية الأردنية” للأقصى والمقدسات، وهذا صحيح ... لكن الصحيح كذلك، أن الهبّة الشعبية لم تندلع فقط بسبب الأقصى والقيود المفروضة على صلاة الجمعة فحسب، ثمة سيل من التعديات والانتهاكات والتجاوزات، التي جعلت حياة الفلسطيني اليومية، مستحيلة للغاية ...

ثمة زحف استيطاني لا يتوقف، وجدار يتمدد، وإجراءات وتشريعات موغلة في عنصريتها، وأفق سياسي مسدود، ودولة مستقلة تتسرب من بين أصابع المفاوض الفلسطيني، وضائقة اقتصادية تعتصر البلاد والعباد ... هذه هي الأسباب الفعلية للهبّة الشعبية، أو “انتفاضة السكاكين”، ومن دون معالجات جوهرية لهذه الأسباب، لن تنجح “التفاهمات” في تهدئة الشارع، أو تبريد “غضب الضفة” ... الأقصى كان الصاعق الذي فجر كثير من براميل البارود، بيد أنه لم يفجرها جميعها، وهي قابلة للانفجار عند أول شرارة. للسلطة أجندتها واولوياتها وللأردن أجندته وأولوياته في الحراك السياسي الأخير المصاحب للهبة الشعبية الفلسطينية ... الأردن كان معنياً أولاً (وإن لم يكن وأخيراً) بمسألة الاقصي و”الرعاية” بشكل خاص، وهذا أمر مهم ... لكن السلطة بحكم موقعها، معنية بتوسيع دائرة الأهداف والمطالب، لتشمل المشهد الفلسطيني برمته، وهذا ما تجاهله جون كيري في محادثاته، فالولايات المتحدة معنية أساساً، باحتواء الأزمة وضبطها ومنعها من الانجرار، وواشنطن لا تتوفر لا على الرغبة ولا على الإرادة، لفتح ملف القضية الفلسطينية من جديد.

أردنياً، ربما تكون جولة جون كيري، قد حققت مؤقتاً وجزئياً بعض الأهداف والنتائج، ونشدد على مؤقت وجزئي وبحذر، أما بالنسبة للسلطة ورئيسها، فإنها لم تنته إلى ما يريح أبو مازن، أو يهدئ روعه ... لهذا السبب بالذات، لا أظن أن “تفاهمات كيري” سيكون لها وقع السحر على ثورة الغضب الفلسطيني، وفي ظني أن المواجهات في الضفة والقدس وغزة، ستستمر وتتصاعد، سيما بوجود أطراف وازنة (حماس والجهاد وكثير من الفصائل وأطراف من فتح)، لم تنظر إلى هذه “التفاهمات” بوصفها الحد الأدنى المقبول لاستنئاف التهدئة والتزام السكينة. وأحسب أن الفلسطينيين، الذين ظنوا وظننا معهم، أن قضيتهم قد طواها الترك والنسيان، قد أدركوا أهمية “هبّتهم الشعبية” في إعادة وضع قضيتهم الوطنية على خريطة الاهتمامات الإقليمية والدولية، بعد غياب وتغييب طال واستطال ... ولا أخالهم سيتوقفون عند هذا الحد، مكتفين بما جادت به عليهم، قريحة جون كيري وجعبته... ولا أظن أن من مصلحتهم أن يفعلوا ذلك، من دون أن تترجم “هبّتهم الشعبية” بإنجارات ملموسة ... ولا أحسب أنهم بعد ارتقاء ستون شهيداً خلال شهر واحد تقريباً، وسقوط مئات الجرحى والمصابين، سيتوقفون عند هذا الحد. ربما ستفضي هذه التفاهمات إلى تعطيل أو إرجاء بعض المبادرات الفلسطينية والدولية، من نوع المحاولة الفرنسية أو توجهات السلطة نحو “التدويل”، لكنها لن تنفع على الأرجح، في تعطيل مفاعيل “الهبّة الشعبية” التي لم تنطلق بقرار من السلطة أو الفصائل، ولن تتوقف بقرارٍ منها ... اللهم إلا إذا توفر الرئيس عباس على “بضاعة ثمينة” يستطيع أن يسوقها ويسوغها لشعبه، ولا أظن أن لقائه بجون كيري، قد وفّر له هذه البضاعة.

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

GMT 07:40 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

الإيماءات الدبلوماسية لن تحل المشكلة الإيرانية

GMT 07:38 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إرهاب إسرائيلي يؤيده ترامب)

GMT 07:36 2019 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

سعد الحريري ورفض الأمر الواقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «تفاهمات كيري» ومـــا بعـــدهـــا عن «تفاهمات كيري» ومـــا بعـــدهـــا



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 09:27 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

7 آلاف تذكرة لجماهير أدوانا ستارز ضد الرجاء

GMT 19:01 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فريق "المغرب الفاسي" ينهي مبارياته الودية بانتصارين

GMT 00:24 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

أولمبيك خريبكة يواجه الكوكب المراكشي وديًا السبت

GMT 03:47 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جمهور الرجاء البيضاوي يرفض عودة محمد بودريقة

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 22:22 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير "يونايتد" تحيي ذكرى وفاة لاعبها جورج بست

GMT 23:41 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يعقد جمعيته العمومية في 10 دقائق فقط

GMT 19:35 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شاهيناز تكشف تفاصيل ألبومها الجديد في "الليلة عندك" على 9090

GMT 22:11 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

ترامب يلتقي مرشحا مسلما لخلافة ماي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib