سوريا التقاسم بديلاً عن التقسيم

سوريا: "التقاسم" بديلاً عن "التقسيم"

المغرب الرياضي  -

سوريا التقاسم بديلاً عن التقسيم

عريب الرنتاوي

ثمة خيط واحد ينتظم الحراك  السياسي والديبلوماسي المحيط بالأزمة السورية، برغم اختلاف اللاعبين وتعدد ساحات هذا الحراك وميادينه: البحث عن "نقطة وسط" تجعل الحل السياسي ممكناً ... ويبدو للمراقب عن كثب للمشهد السوري وما يكتنفه ويحيط به، أن تقدماً ملموساً قد طرأ على هذا المسار.

البيان الأمريكي – الروسي الذي أعقب مكالمة "الستين دقيقة" بين زعيمي البلدين، رسم مخرجاً وحيداً لسوريا من أزمتها المحتدمة منذ سبع سنوات: "الحل السياسي" ... وأظهر أن ما بين موسكو وواشنطن من "تفاهمات" في سوريا وحولها، أكبر من مما يباعدهما من خلافات وتباينات.

قمة سوتشي الثلاثية (تركيا، إيران وروسيا) وضعت الحوار السوري – السوري على سكة الانطلاقة ... قبلها كان الرئيس فلاديمير بوتين يستدعي الرئيس الأسد وحيداً إلى المنتجع الرئاسي، والمؤكد أنه لم يفعل ذلك للاحتفاء بالنصر على داعش، وإنما لضمان تجاوبه "المرن" مع مسار الحل السياسي للأزمة ومقتضياته ... وليس صدفة أن الأمر ذاته، كان موضوع حديث وزير الخارجية الصيني مع المستشارة الرئاسية السورية بثينة شعبان، حيث حث الأول النظام في دمشق، على إبداء "مرونة" كافية لجعل الحل السياسي ممكناً.

هذا على جبهة النظام وحلفائه الدوليين... أما على جبهة المعارضة وحلفائها الإقليميين والدوليين، فقد تزامنت اجتماعات ستوتشي المكثفة من جهود أوكل للرياض أمر القيام، وتنحصر أساساً بمهمتين اثنتين: الأولى، توحيد المعارضة ولمّ شتاتها ... والثانية؛ وضع المعارضة على سكة "الحل السياسي"، وإلزامها بإبداء ما يكفي من المرونة كذلك، لتسيير عجلة الحل السياسي، ومن تابع تصريحات الناطقين باسم المجتمعين في الرياض خلال الساعات الأربع والعشرين الفائتة، لحظ أن مفردات من نوع "الواقعية" و"العقلانية" و"المرونة" كانت الأكثر شيوعاً وتداولاً، سيما بعد أن جرى التخلص ممن وصفوا بـ "صقور" المعارضة وأصحاب "السقوف العالية" فيها.

واللافت أن الرياض ما كان لها أن تقوم بهذا الدور، ولا ان تنجح في إنجاز هذه المهمة بشقيها، لولا "التفويض" الممنوح لها من موسكو، ولولا المشاركة الأمريكية المباشرة في كواليس مؤتمر "الرياض 2"، التي مكّنت "الراعي" السعودي من جمع مختلف المنصات حول مائدة واحدة، وإرغامها على تقديم ما يكفي من "التنازلات المتبادلة" لجعل وحدة المعارضة ممكنة وتسهيل هبوطها عن الشجرة.

إقليمياً، كان الرئيس التركي العائد من سوتشي يلمح إلى إمكانية التواصل مع نظام الأسد، بل ويشرح للصحفيين المرافقين بعض موجبات هذا "التطور" في الموقف التركي، الذي انتقل من الخندق الأمامي للمطالبين بإسقاط الأسد إلى شريك وضامن لمسار أستانا ... أردوغان لم ينس الإشارة إلى أن "الأسد أيضاً" يعارض مشاركة "الإرهابيين الأكراد" في العملية السياسية ويتخوف من طموحاتهم الانفصالية ويتحسب لعلاقتهم المتطورة مع واشنطن.

وحده الموقف الإيراني ما زال يثير قدراً كبيراً من الالتباس والغموض... طهران من جهة هي شريك في مسار أستانا وضامن لمناطق خفض التصعيد، ولكنها في المقابل، لا تفوت فرص للتأكيد على إبقاء قواتها و"حرسها الثوري" في سوريا، والتقارير بشأن أدائها الميداني تكشف عن سعيها التأسيس لوجود مستدام في سوريا، وهي وحدها التي لم يصدر عنها ما يشف عن رغبة في الضغط على النظام لإبداء قدر من المرونة لتسيلك مسار الحل والحوار مع خصومه.

وإذا كان مفهوماً أن "العيش مع الأسد" و"التعايش معه لمرحلة انتقالية على الأقل"، هي "المرونة" المطلوبة من المعارضة بمختلف أجنحتها، إلا أننا لا نعرف على وجه اليقين، أي نوع من "المرونة" تلك المطلوبة من النظام في المقابل، وما هي حدودها، وإلى أي حد سيطلب من دمشق أن تصل في تنازلاتها و"واقعيتها".

في الطريق إلى جنيف وسوتشي، ستبدأ تتضح حدود المرونة المطلوبة من النظام ... والدستور الجديد لسوريا الذي تحدث ديمستورا عن إنجازه كأولوية أولى في المرحلة المقبلة، سيقرر سقوط المطالب المتبادلة ... والأرجح أن سوريا ستكون مقبلة على نظام مختلط يجمع "الرئاسي" بـ "البرلماني" بأقدار ومعادلات  لا نعرفها حتى الآن ... والمؤكد أن سوريا ستتبع نظاماً لـ "اللامركزية الإدارية"، بديلاً عن نظامها المركزي القائم، وتفادياً لفيدرالية مثيرة لقلق دمشق وجوارها الإقليمي، وبالأخص تركيا ... أما الانتخابات المقبلة، من رئاسية وبرلمانية، فالمؤكد أنها ستحاط بجملة من القيود والشروط، التي ستقلص فرص تدخل "الإدارة وأجهزتها الأمنية"، ودائماً تحت إشراف اممي مناسب، وبكفالة روسية، لكن من غير المعروف، إن كان سيسمح للأسد الترشح لولاية جديدة، مع أن مختلف المؤشرات ترجح أمراً كهذا.

الحل السياسي في سوريا بات أقرب للتناول من أي وقت مضى، وعلائم التوافق الدولي – الإقليمي حول هذا الحل ومحدداته، تزداد وضوحاً وتبلوراً ... لكن طريق سوريا إلى استعادة أمنها واستقرارها وسلمها الأهلي، ما زال مفخخاً بفوضى السلاح وبقايا الإرهاب والأهم بتنافس الأجندات والمصالح الدولية والإقليمية ... سوريا التي نجت من سيناريو "التقسيم، ستختبر قريباً سيناريو "التقاسم"، تقاسم الأدوار والمصالح والنفوذ فيها وعليها.

GMT 08:07 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أخبار مهمة أمام القارئ

GMT 08:04 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات والأردن.. توافق لأمن المنطقة

GMT 08:01 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسوأ عقاب أوروبى لأردوغان

GMT 07:59 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذا تقود أمريكا العالم!

GMT 07:57 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كسر الحلقة المقفلة في اليمن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا التقاسم بديلاً عن التقسيم سوريا التقاسم بديلاً عن التقسيم



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 20:44 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

فوائد التوت للشفاء من الجروح

GMT 09:42 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جدول أهم مباريات الليلة

GMT 17:48 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

فيرمينو يتفوق على جريزمان في سباق الكرة الذهبية

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 21:21 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العائلة الودادية تحتفي بفريقها بعد التتويج باللقب

GMT 15:44 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

لجنة البرمجة تغضب جماهير الوداد بسبب مواعيد المباريات
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib