«حكماء» التهافت والابتذال

«حكماء» التهافت والابتذال

المغرب الرياضي  -

«حكماء» التهافت والابتذال

بقلم - عريب الرنتاوي

ثمة نوعان من «الحكماء» الذين يطلون علينا بنصائحهم «السوداء» هذه الأيام، وفي كل مرة تتعرض فيها القضية الفلسطينية لانتكاسة من نوع الاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على القدس، أو تتعرض فيها القضايا العربية لصفعة مؤلمة من نوع الإقرار الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على الهضبة السورية المحتلة، يخرج علينا هؤلاء بما يذكرنا بماضينا «العبثي» وميولنا «العدمية».
النوع الأول؛ ينتمون لمدرسة شديدة البراغماتية، يصدرون عن نوايا طيبة – ربما – بيد أنهم قابليتهم مفتوحة لتقديم التنازلات والتفريط بالمستقر في وعينا من حقوق وثوابت ... هؤلاء يحسبون أنفسهم على «معسكر الاعتدال والواقعية» في العمل السياسي، حتى وإن لامست «واقعيتهم» قاع الأرض.
أما النوع الثاني منه، فهم «حكماء الحكام»، ولكل حاكم في دنيا العروبة، جوقة من المستشارين، بعضهم مدجج بالألقاب الأكاديمية الرفيعة، مطلوبٌ منهم البوح بما يعجز الحاكم عن البوح به، أو يتحرج من نطقه، بالنظر لتداعياته  الخطرة على مكانته وصورته في مرآة شعبه والرأي العام العربي والمحلي ... هؤلاء تندرج «نصائحهم» في خانة «وجهات النظر»، أو «الرأي والرأي الآخر»، بل هم «الغزال الذي بشّر بزلزال»، مع الاعتذار للغزلان، تلك الكائنات الرشيقة، الحرة والجميلة ... مواعظهم ونصائحهم تستبق عادة تظهير السياسات الرسمية لبلدانهم، فتكون بمثابة «التوطئة» و»التمهيد» لمواقف أكثر تهافتاً وابتذالاً.
اليوم، ودائماً، يُلام الفلسطينيون لأنهم أضاعوا الكثير من الفرص للحصول على بعض حقوقهم ... يذكرونك بقرار التقسيم 181، و242، ومفاوضات كامب ديفيد 2000 وسلسلة لا تنتهي من المحطات التي ضيّعها الفلسطينيون وفقاً لهؤلاء ... في إعادة وتكرار لما اعتادت الآلة الدعائية الإسرائيلية قوله وفعله، بحق الفلسطينيين.
أيها السادة، إسرائيل قبلت بقرار التقسيم كتوطئة لابتلاع كل الأرض الفلسطينية، بدلالة أن دباباتها في حرب 1948 لم تقف عند حدود التقسيم، بل كانت تنهب الأراضي المرصودة للدولة الفلسطينية قبل الأراضي المخصصة لها، واستمر التوسع الإسرائيلي لسنوات بعد تلك الحرب، في عمليات توسعة وقضم متدرج على أطراف الحدود البرية والمائية ... ولو قبل الفلسطينيون بالقرار، لما تغير الحال على أية حال.
واتخذت إسرائيل من القرار 242 حجة وذريعة لتبرير عدم انسحابها من الأراضي المحتلة عام 1967، وعلى الرغم من قبول جميع العرب بهذا القرار، بمن فيه جمال عبد الناصر، والفلسطينيين في وقت لاحق، إلا أن ذلك لم يحدث فرقاً ... ومنذ العام 1991، ونحن في مفاوضات عبثية مع إسرائيل، قدم الفلسطينيون خلالها كل تنازل ممكن، عن الأرض واللاجئين وعناوين السيادة، في أوسلو وما بعده، وكلما أمعنا في التنازل، كانت إسرائيل تمعن في التوسع ومصادرة الأرض والحقوق على حد سواء.
والجولان، ظل هادئاً لأكثر من أربعين عاماً، والأسد أبدى استعداداً للتفاوض والمقايضة، لكن تبدل الحكومات الإسرائيلية وتعاقب الإدارات الأمريكية، وأخيرا تردي الحالة الصحية للأسد الأب، حال دون إتمام الصفقة ... إسرائيل لا ترد على السوريين والفلسطينيين، بالالتزام بنتائج المفاوضات حتى النقطة التي انتهت إليها، بل بالمباشرة في ضم الأرض وتسريع الاستيطان والدعوة لتشريع سيادتها عليها.
لقد أمضينا أكثر من نصف العقود السبعة التي انقضت على الصراع العربي – الإسرائيلي في مفاوضات عبثية مع إسرائيل، انتهت جميعها ببقاء الاحتلال وتمدده، وفي الحالات التي تراجع فيها الاحتلال، ظلت شروطه وقيوده القاسية مفروضة على الدول العربية المعنية، وفقاً لقول الشاعر المصري: «رجعت سينا وضاعت مصر».
بعض هؤلاء «الحكماء» لا يخجلون من الجهر ببث سمومهم، بعضهم خرج علينا باقتراح توسيع الحوار والتفاوض وتعميق الاتصالات مع إسرائيل، رداً على قراري الجولان والقدس، وحتى بعد أن فقد ترامب ونتنياهو أي مبرر للكذب والمناورة، وباتوا يتحدثون صراحة عن «السلام المبني على القوة بدل العدل» و»جواز احتلال أراضي الغير بالقوة، بل وضمها وبسط السيادة عليها» ... لا حدود لوقاحة المتهافتين، الذين لا يجدون سبباً واحداً لتأجيل زيارة وفد إسرائيلي لعواصمهم، كبادرة اعتراض على قرارات ترامب الأخيرة ... ولولا بعض حياء عند بعض القادة العرب، لقرأنا الفاتحة على روح النظام العربي، وبالعبرية الفصحى.

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حكماء» التهافت والابتذال «حكماء» التهافت والابتذال



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 11:17 2012 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يؤكد عدم تخليه عن حمدي في محنته خلال حفل الرواد

GMT 22:56 2017 الإثنين ,28 آب / أغسطس

البزغودي لاعب الجيش يخضع لفحوصات طبية

GMT 15:33 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أولاس يشيد بفريقه قبل مواجهة شاختار دونيتسك الأوكراني

GMT 10:19 2022 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

وليد الركراكي يرُد على منتقديه بسبب عبد الرزاق حمدالله

GMT 05:44 2022 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد النني يُهدي الشيخ مشاري راشد العفاسي قميص أرسنال

GMT 22:45 2022 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبات غولف «أرامكو» في مواجهة الإعلام بجدة

GMT 08:27 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحدى مانشستر سيتي اليوم في الدوري الإنكليزي

GMT 21:10 2022 الأحد ,22 أيار / مايو

كريم بنزيمة يثير الجدل بعد قرار مبابي

GMT 11:34 2022 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

مفاوضات في تجديد عقد ساديو ماني مع ليفربول

GMT 19:32 2022 الإثنين ,07 شباط / فبراير

مغربيان في التشكلية المثالية لكأس أمم إفريقيا

GMT 13:33 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

"المنتخب المغربي" يخضع إلى فحوصات كوفيد-19
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib