عن الحدثين الجزائري والسوداني

عن الحدثين الجزائري والسوداني

المغرب الرياضي  -

عن الحدثين الجزائري والسوداني

بقلم - عريب الرنتاوي

تزامُنْ الانتفاضتين الشعبيتين، الجزائرية والسودانية، جعل كل منهما تتطلع للأخرى، مثلما جعلنا كمراقبين ومحللين، عاجزين عن تفادي المقارنات، إن لجهة الشعارات والأهداف والقوى المحركة لكل منهما، أو لجهة المآلات وكيفية تعامل السلطات مع الحدثين الكبيرين، في الدولتين الكبريين.
كلا الانتفاضتين جاء على خلفية اقتصادية – اجتماعية، فجرتها قضية الترشح لولاية رئاسية جديدة، بعد سنوات طوال من البقاء فوق سدة الحكم (البشير 30 سنة وبوتفليقة 20)، وكلا البلدين يجابه ضنك العيش وإخفاق منظومة الحكم في تأمين الحد الأدنى من احتياجات الناس ومتطلبات عيشهم الكريم ... وكلا البلدين اختبر تجربة الاحتراب الأهلي (الجزائر في العشرية السوداء والسودان في الحرب مع الجنوب وعليه، فضلاً عن دارفور وجنوب كردفان).
مع إطلالة ربيع البلدين، خرج قادتهما على الرأي العام لتقديم عروض مغرية بالتغيير والازدهار ... الأمر لم ينجح في تهدئة مشاعر الجموع الغاضبة، بل أثار سؤالاً جوهرياً، هنا وهناك: ما الذي يمكنكم فعله في الولاية الجديدة، ولم تقدروا على فعله في العديد من عدة ولايات متعاقبة؟ ... وإن كان بمقدوركم الوفاء بكل هذه التعهدات، فلماذا لم تتقدموا بها إلا بعد أن خرج طوفان الغاضبين إلى الشوارع والميادين.
في الجزائر، انحنى النظام أمام عاصفة الغضب الشعبي – الشبابي، لكنها انحناءة جزئية، واحتمال العودة إلى الوراء، وتفريغ وعود الإصلاح من مضامينها، ما يزال ماثلاً، بل ومُدركاً من قبل القطاعات العريضة من الشعب والمتظاهرين .... الرئيس قرر عدم الترشح لولاية خامسة، بيد أنه «مدد» لنفسه لسنة على الأقل، ما يعني التمديد لمن يسمونهم في الجزائر بـ»الطغمة» أو «الأوليغارشية» الحاكمة ... هذا لم ينفع، بدلالة استمرار التظاهر، واستمرار الحراك الشعبي والسياسي حتى بلوغ لحظة اليقين بأن الجزائر دخلت مرحلة «الجمهورية الثانية»، وودعت ما كان يُعرف بـ»الشرعية الثورية» لتستبدلها بشرعية ديمقراطية، شرعية صناديق الاقتراع.
في السودان، لم تبلغ الانحناءة هذا الحد، ما زال الرهان قائماً على إمكانية إخضاع الموجة الثورية واحتوائها، وعروض الإصلاح أقل بكثير من تلك التي أغدقتها السلطة الجزائرية على جماهير شعبها ... جُل ما ذهب اليه الرئيس البشير «تعديل وزاري»، وعفو مشروط عن سجناء، وإلغاء عقوبة «الجلد» عن المتظاهرات.
السودانيون كما الجزائريون، لم يتوقفوا عن الاحتجاج، برغم القبضة الشديدة، وعشرات القتلى وأضعافهم من الجرحى والمعتقلين ... والأرجح أنهم ينظرون لما يجري على مقربة منهم، فيرون الحراك الجزائري ينجز أكثر من حراكهم، والمكتسبات هناك، أكثر مما تحصّلوا عليه، برغم تضحياتهم التي فاقت تضحيات أشقائهم الجزائريين ... وهذا سبب (من بين أسباب أخرى) يدفعنا للاعتقاد أن الانتفاضة السودانية لن تضع أوزارها قريباً، ولن ترتضى بعد كل هذه التضحيات، بمجرد تعديل وزاري، لا يقدم ولا يؤخر، فهم يعرفون أن الحكومات طاقماً ورئاسات في بلدهم كما في بلدان عربية عديدة، ديكور ، لا تتعدى صلاحياتها صلاحيات مجلس بلدي أو محلي، وبالكاد يتذكر الناس أسماء رؤساء حكوماتهم ووزرائها.
الجزائريون والسودانيون، ألهبوا مشاعر حراكات شعبية وشبابية في دول عربية عدة، وأعادوا الاعتبار للربيع العربي إذ قرروا استئناف انتفاضاته وثوراته، وهذا ربما ما يدفع بمعظم الحكومات العربية لترقب المشهدين الجزائري والسوداني بكثير من القلق والتحسب، فهم يستذكرون «مبدأ الدومينو» الذي نقل شرارات الثورة من تونس إلى القاهرة مروراً بدمشق وطرابلس الغرب وصنعاء وغيرها من المدن والعواصم العربية، وما إن كان هذا «المبدأ» فعّالاً بالأمس القريب، فلماذا لا يظل كذلك اليوم وغداً؟

 

GMT 08:06 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

طوق النجاة لمباحثات الخرطوم

GMT 08:03 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

من قراءات الأسبوع

GMT 07:46 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 07:44 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

عيون وآذان (محمد بن زايد يعرف مصالح الإمارات)

GMT 07:42 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

قراءة نيابية في الموازنة قبل المجلس الدستوري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الحدثين الجزائري والسوداني عن الحدثين الجزائري والسوداني



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  -

GMT 01:21 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أرخص 10 وجهات أوروبية لقضاء عطلة الصيف
المغرب الرياضي  - أخطاء تقعين فيها عند ترتيب مطبخكِ عليكِ تجنّبها
المغرب الرياضي  - رفض دعاوى

GMT 11:17 2012 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الخطيب يؤكد عدم تخليه عن حمدي في محنته خلال حفل الرواد

GMT 22:56 2017 الإثنين ,28 آب / أغسطس

البزغودي لاعب الجيش يخضع لفحوصات طبية

GMT 15:33 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أولاس يشيد بفريقه قبل مواجهة شاختار دونيتسك الأوكراني

GMT 10:19 2022 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

وليد الركراكي يرُد على منتقديه بسبب عبد الرزاق حمدالله

GMT 05:44 2022 السبت ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد النني يُهدي الشيخ مشاري راشد العفاسي قميص أرسنال

GMT 22:45 2022 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبات غولف «أرامكو» في مواجهة الإعلام بجدة

GMT 08:27 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحدى مانشستر سيتي اليوم في الدوري الإنكليزي

GMT 21:10 2022 الأحد ,22 أيار / مايو

كريم بنزيمة يثير الجدل بعد قرار مبابي

GMT 11:34 2022 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

مفاوضات في تجديد عقد ساديو ماني مع ليفربول

GMT 19:32 2022 الإثنين ,07 شباط / فبراير

مغربيان في التشكلية المثالية لكأس أمم إفريقيا

GMT 13:33 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

"المنتخب المغربي" يخضع إلى فحوصات كوفيد-19
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib