العراق نقمة الانقسام  ونعمته

العراق: نقمة الانقسام ... ونعمته!!

المغرب الرياضي  -

العراق نقمة الانقسام  ونعمته

بقلم عريب الرنتاوي

إذا كان الانقسام بين مكونات العراق الرئيسة الثلاثة، يتهدد وحدة البلاد الترابية ويضرب هويتها الوطنية في العمق، ويعرض سيادتها للخطر، فإن الانقسامات داخل كل مكون من هذه المكونات، ربما يكون عامل توحيد، يساعد في حفظ وحدة العراق الوطنية ويمدد صلاحيتها، وربما يؤسس لمصالحات لاحقة، تعيد جمع هذا الخليط المعقد من الكيانات والمكونات.

لو أن المكون الشيعي، دان لقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي نجح على رأس دولة القانون في تشكيل حكومتين متعاقبتين، وكان حصادهما النهائي، كارثياً بامتياز، لحق لنا أن نخشى من “القوة الطاردة المركزية” المنبعثة من سياساته وممارسته المذهبية داخلياً، وارتباطاته الإقليمية غير الخافية على أحد، خارجياً ... وجود معارضة شيعية قوية لحكومة المالكي، تمثلت أساساً في مواقف التيار الصدري، واندلاع الحراك المدني – الشبابي العفوي، انطلاقاً من البيئة الشيعية أساساً، مكّن من لجم اندفاعة المالكي من جهة، ووفر فرصة للمجيء برئيس حكومة “أكثر توافقية” من جهة ثانية، ودفع ببعض قادة الشيعة من نواب ونشطاء، للاقتراب من نهج في التفكير، عابر لخطوط المذاهب والطوائف.

وجود أكثر من مركز شيعي (الدولة، الدعوة، المجلس والأحرار) إلى جانب كيانات وشخصيات أقل نفوذا تأثيراً، معطوفاً على دور “وطني” و”بناء” للمرجعية الشيعية العليا في العراق، ممثلة بآية الله السيستاني، حد من اندفاعات مذهبية خطيرة، كان يمكن أن تودي بالعراق، وتغرقه في بحور من الدماء والانقسامات التي قد لا يبرأ منها أبداً.

على المقلب السني من معادلة المكونات، تبدو الصورة أكثر تعقيداً ... فالكتلة التي احتسبت على السنة، أو احتسب السنة عليها، وأعني بها العراقية، التي حلت أولى في انتخابات 2010، لم تعد تتمتع بذلك التمثيل ... تحولها إلى “الوطنية” في الانتخابات الأخيرة، وحصولها على 21 مقعد فقط، يعني أن التمثيل السني توزع على عدد من الكتل والزعامات (الجبوري، المطلق، النجيفي وآخرين) ... الأمر الأوضح في الحالة السنية، أن القوى الممثلة لهذا المكون في المؤسسات والعملية السياسية، تتمتع بنفوذ شعبي أقل من تلك القوى الخارجة على العملية والمبعدة من المؤسسات، بل والمطاردة بقوانين “الاجتثاث” و”المساءلة”، ما ترك فجوة في “التمثيل” و”المشاركة”، أشعرت المكون بالتهميش والتهشيم، ودفعت قطاعات منه، للارتماء في أحضان التطرف والإرهاب، لتنتهي العملية برمتها إلى صعود أدوار الصحوات والعشائر والجهويات التي تمنع تشكيل قطب سني أو قيادة سنية مشتركة.

مثل هذه الحالة، ربما كانت السبب وراء تراجع “نبرة” الدعوات الانفصالية التي تتخذ من “الأقلمة” و”الفدرلة” عنواناً لها، وهي دفعت قطاعات من هذا المكون، لامتشاق السلاح لتطهير مناطقها من داعش، وعززت إيمانها بضرورة انخراط أكبر في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، والسياسية – المدنية استتباعاً أو لاحقاً، ودفعت كيانات سنية للتفكير من خارج “حدود المذهب” والبحث عن شراكات وتحالفات مع مكونات أخرى، بدءا بالأكراد، ومن دون استثناء للشيعة كذلك.

في الجانب الكردي من المشهد العراقي، لا تختلف الصورة كثيراً ... صحيح أن ثمة ميل كردي جارف للاستقلال، يقابله تسليم نخب عراقية بهذا الاحتمال (البعض يتحدث عن تفضيل مُضمر لهذا الخيار) ... لكن الصحيح كذلك، أن طريق الكورد إلى “الدولة”، ليس معبداً على الإطلاق ... الأحزاب الخمسة التي تتوزع التمثل والنفوذ في الوسط الكوردي، لا تبدو على قلب رجل واحد، نظراً لتعدد مرجعياتها الفكرية والاجتماعية .... ميولها متفاوتة حيال قضايا الوحدة والانفصال، ولها أولويات مختلفة عند رسم خريطة تحالفاتها الإقليمية، وعلاقاتها مع بعضها البعض، لامست ضفاف الحرب الأهلية الكردية في تسعينات القرن الفائت ... أما الضائقة الاقتصادية الناجمة عن هبوط أسعار النفط وعائدات، فتجعل ميلها الانفصالي مكبلاً بالعديد من المخاوف ... دع عنك تفشي حالة القلق من “نزعات استبدادية” تشهدها أربيل، وبروز ميول “زعاماتية” لمسعود البرزاني، من شأنهما إثارة مخاوف منافسيه في السليمانية، اتحاديين كانوا أم تغييريين (يتقاربون على أية حال).

ليس الانقسام أمراً محموداً بكل حال، لكن التنوع والتعدد، سنة من سنن الكون، الطبيعة التي تكره اللون الواحد، وكذلك المجتمع ... وإذا كانت انقسامات المكونات تتهدد وحدة العراق وهويته، فإن انقسام الكيانات داخل كل مكون، يطيل من أمد وحدته، وقد يحفظها إن أجاد العراقيون إدارة التنوع وتنظيم الاختلاف والاحتكام للمصلحة العامة عند الخلاف ... لا شك أنها عملية صعبة ومعقدة، والأخطر، أنها مكلفة، لكنها ليست بالمستحيلة على شعب شيّد أولى حضارات البشرية جمعاء.

GMT 07:43 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

شكراً «آبي» ... شينزو وأحمد

GMT 08:01 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

«يسقط ثالث»

GMT 03:59 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

«يسقط ثالث»

GMT 08:33 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

للأقصى شعبٌ يحميه

GMT 11:04 2019 السبت ,01 حزيران / يونيو

الانتخابات المبكرة في إسرائيل: كلاكيت 2

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق نقمة الانقسام  ونعمته العراق نقمة الانقسام  ونعمته



GMT 03:37 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عبايات "دولتشي آند غابانا" لخريف وشتاء 2019
المغرب الرياضي  - عبايات

GMT 05:47 2023 الأحد ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023
المغرب الرياضي  - أفضل 50 فندقاً حول العالم لعام 2023

GMT 01:32 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
المغرب الرياضي  - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال

GMT 09:27 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

7 آلاف تذكرة لجماهير أدوانا ستارز ضد الرجاء

GMT 19:01 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فريق "المغرب الفاسي" ينهي مبارياته الودية بانتصارين

GMT 00:24 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

أولمبيك خريبكة يواجه الكوكب المراكشي وديًا السبت

GMT 03:47 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جمهور الرجاء البيضاوي يرفض عودة محمد بودريقة

GMT 23:08 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم فيصل عجب يثبت جدارته مع نادي التضامن

GMT 22:22 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير "يونايتد" تحيي ذكرى وفاة لاعبها جورج بست

GMT 23:41 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يعقد جمعيته العمومية في 10 دقائق فقط

GMT 19:35 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شاهيناز تكشف تفاصيل ألبومها الجديد في "الليلة عندك" على 9090

GMT 22:11 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

ترامب يلتقي مرشحا مسلما لخلافة ماي
 
moroccosports

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

moroccosports moroccosports moroccosports moroccosports
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib